الحرية أولاً , والديمقراطية غاية وطريق

حقوق الإنسان الضائعة بين تراخي المشرعين وتسلط المستبدين

محمد عمر كرداس

متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم أحرارًا

أمير المؤمنين “عمر بن الخطاب”

  ” يولد جميع الناس أحرارًا ومتساوين في الكرامة والحقوق وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضًا بروح الإخاء

المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرته الأمم المتحدة باريس 10 كانون أول / ديسمبر1948

    مع أن سورية صوتت في عام 1948 لصالح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان إلى جانب 48 دولة في الأمم المتحدة، وصادقت أيضًا على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في 23 آذار/ مارس عام 1976 وعلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، إلا أنها لم تحترم أيًا من هذه الاتفاقات وخاصة أيام الحكومات العسكرية المتعددة التي مرت على سورية، وكانت الفترة التي استفرد فيها حزب البعث بمختلف مجموعاته من يمين ويسار وبانقلاباته المتعددة بين أجنحته هي الكارثة الحقيقية على حقوق الإنسان في سورية، فمنذ انفراده بالسلطة وارتكابه المجازر وسياسة الإخفاء القسري والاعتقال في 18 تموز/ يوليو 1963 إلى يومنا هذا، لم ينعم الشعب السوري بحقه الشرعي وحقوقه التي نصت عليها شرعة الأمم المتحدة، ففي 9 أذار/ مارس 1963،فرضت حالة الطوارئ ومازالت سورية بعد أكثر من نصف قرن تعيش تحت وطأة هذه الحالة التي تبيح لمختلف السلطات من أمن وشرطة وحتى شرطة السير أن تزج بالمواطن في السجن بأمر عرفي غير مبرر، وقد أودت هذه الحالة وفرضها بحياة عشرات الآلاف من المواطنين بدون محاكمة وبدون تهمة واضحة أو بتغييبهم في سجون النظام لعشرات السنين ضمن سجون هي الأسوأ في العالم دون إتاحة الفرصة للأهل حتى لمعرفة أين سجينهم، فلا زيارات ولا رعاية صحية وإذا جرت محاكمات فهي غالبًا محاكمات ميدانية تستمر لدقائق أو ثوانٍ ليس فيها من شروط المحاكمات أي شرط.

    لقد مارس هذا النظام وما زال يمارس أبشع الانتهاكات بحق مواطني سورية لم يمارسها أي محتل إلى الآن، وكل ذلك تحت سمع وبصر من شرع القوانين لحماية حقوق الإنسان  بمختلف تلاوينها السياسية والمدنية والثقافية وغيرها.

    وأكثر من ذلك فنحن نسمع ونرى هذه المنظمات تتعاون مع هذا النظام الجائر وتمده بالأموال مخالفة بذلك قرارات أقرتها هي بمقاطعة النظام وبفرض العقوبات عليه وعلى أشخاص منه أجرموا بحق شعب سورية المظلوم، حتى الانتهاك الكبير الذي مارسه النظام واستخدم فيه السلاح الكيماوي المجرم دوليًا وقتل فيه الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب العزل والنائمين في بيوتهم، ومع كل التقارير التي أدانت النظام وزبانيته، مازالت ملفات هذه الكارثة تدور وتدور في محاولة لتمييع الموضوع مع أن هناك دول احتلت ودمرت ونهبت وتسلط عليها اللصوص والعملاء فقط لشبهة امتلاك هكذا سلاح.

    وبتراخي المشرعين وأحيانًا تواطؤهم تقبع القضية السورية، قضية الشعب السوري وحقوقه  المغتصبة في أدراج النسيان وأدراج التغييب لا لشيء ولكن لأن هذا النظام له وظيفة يؤديها في منع المقاومة الحقيقية ومنع التنمية والاستقلال الحقيقي للشعب والتمتع بثرواته التي نهبها هذا النظام وفرط بها وهو يرفع الشعارات المخادعة ويمارس في الحقيقة ثورة مضادة من عشرات السنين  وكلامه عن الاستقلال والممانعة مؤلمًا للشعب وهو جلب أكثر من خمسة احتلالات لأراضينا وعشرات الميليشيات الطائفية تدعمه وتسانده ليبقى معها وبها سندًا للمشاريع الطائفية والاستبدادية ولبقاء إسرائيل كيانًا استيطانيًا يشبه الكيان الذي يخطط له هذا النظام باستجلاب المتطرفين الذين ينتهكون الحرمات ويصادرون الممتلكات ويحلون محل أصحابها، فأين الأمم المتحدة وأين تباهيها بشرائعها وقوانينها بحقوق الإنسان وتمتعه بممتلكاته وممارسة حقوقه التي تنتهك في سورية بشكل لامثيل له.

    ولكن ذلك لن يدوم والشعب في سورية سينال حقوقه مهما طال الزمن ومهما تجاهلته الأمم المتحدة والدول الكبرى ومهما تمادت قوى العدوان من روسية وإيرانية والمليشيات التابعة وقوى الانفصال الغريبة عن شعبنا المدعومة من المحتل الأميركي والتحالف الدولي التي تمارس نفس ممارسات النظام وهي بحماية أميركا حامية ” العالم الحر ” هذا النظام زائل مهما حاول ومهما ظلم وتجبر ونهب وسلب وفسد.

المصدر: إشراق

 

التعليقات مغلقة.