الحرية أولاً , والديمقراطية غاية وطريق

كتاب « الأندلس إبادة شعب وحضارة » للكاتب: ’’ معقل زهور عدي ‘‘.. الحلقة الثامنة

( الحرية أولاً ) ينشر حصرياً كتاب « الأندلس إبادة شعب وحضارة » للكاتب: ’’ معقل زهور عدي ‘‘.. الحلقة الثامنة والأخيرة: محاكمتين ومراجع الكتاب

ملحق:

 المحاكمة الأولى:

 (محاكمة الأندلسية ماريا لادويدا في محاكم التفتيش عام 1561م)(39)

المتهمة ماريا لادويدا مسلمة من بينا لاوريا وهي قرية في مقاطعة ملاقة أرملة “مارتين الدويدي

كتب على مغلف الملف: “اتهام ومحاكمة وتعذيب بالماء والحبل, والذي يتضمن شرباً إجبارياً للماء, من خلال قطعة قماش مبلولة بالماء توضع بالفم, مما يسبب ألماً, وكذلك لف الحبل حول وسطها” .

يحوي ملفها 17 ورقة

تاريخ الملف: 1561م

سقطت ’’ملاقة‘‘ أو مالقة بيد الإسبان عام 1487م قبل سقوط غرناطة بخمس سنوات بعد معارك ضارية مع حاميتها الصغيرة, وهي مدينة قديمة اسسها الفينيقيون وميناء هام على البحر المتوسط, و’’ماريا‘‘ هي امرأة عجوز أرملة عمرها 65 عاماً لرجل يدعى ’’مارتين الدويدي‘‘ ويتضح من اسمها واسم زوجها أن الأسماء تغلب عليها  اللغة الإسبانية مع أثر عربي, وربما اضطر الأندلسيون لتغيير أسمائهم كجزء من الحملة الواسعة لاستئصال اللغة العربية التي جرت بعد سقوط غرناطة, وكونها امرأة وعجوزاً وأرملة لم يشفع لها في شيء, فتم إلقاء القبض عليها ووضعها في السجن وتعرضت للتعذيب لانتزاع الاعترافات منها, وهي من عائلة أندلسية مسلمة تحولت للمسيحية مع عائلتها عندما كانت طفلة أي حوالي العام 1503م حينها جرى تعميدها حسب الطقوس المسيحية .

الورقة الأولى تضمنت معلومات تمهيدية لأجل المحاكمة ذكر فيها أنه تم تعذيبها .

الورقة الثانية تضمنت شهادة امرأة تدعى: ’’اينيس دي مينا‘‘ أدت اليمين القانونية في اعتراف “لإراحة ضميرها” وقالت “إن المتهمة قد قامت بتغسيل حماتها الميتة (حماة الشاهدة) بسبب أنها كانت متسخة من النصف الأسفل من جسدها” .

وتحوي الورقة ما يشبه الحاشية التي تتضمن وقائع جلسة استماع أخرى تفيد أن ’’ماريا لادويدا‘‘ غَسَلت بالماء الساخن كامل جسد حماة الشاهدة وغطتها بملاءة وربطوها برأسها وبهذه الطريقة كفنوها وشاهدها الرهبان؛ وقد جرت تلك الحادثة قبل أربعة عشر عاماً أو نحو ذلك كما ذكر في الورقة الثانية .

لكن المحققين كانوا أذكى من أن تخدعهم قصة أن غسيل الميتة بسبب قذارة نصفها الأسفل فسألوا الشاهدة: هل تعتقد أن المتهمة حقاً غسلت الميتة لأنها كانت قذرة؟ فأجابت الشاهدة بما معناه إنها لا تعرف تماماً ويمكن سؤال المتهمة في ذلك, فقيل لها: إن غسل الجسد كله لا يمكن القيام به بسبب الأوساخ, وبالتالي يفترض أن هذا الغسل قد تم من أجل أمر آخر كونها ميتة, فالميتة لا يهمها أبداً دفنها قذرة أو نظيفة لأن الأرض تأكل كل شيء, ويبدو أن الأمر أُسقط من يد الشاهدة وخافت فقالت: لو لم تكن من المسلمين لما تم عمل ذلك لها (تقصد الميتة) . ولتبرئة نفسها والخروج من دائرة الاتهام اعترفت الشاهدة أن المتهمة ’’ماريا لادويدا‘‘ قالت أثناء تغسيل الميتة “هذا ما اعتدنا عليه عندما كنا مسلمين” .

في الورقة الثالثة تتوالى اعترافات الشاهدة بعد أن استطاع المحققون كسر محاولاتها الأولية لإخفاء الحقائق خاصة حين جادلوها بالقول: “إذا كان الشخص مسيحياً أو مسلماً أو من أي دين آخر فإن دينه يظهر في يوم موته وبما أن المتهمة كانت تعتقد أن التغسيل حسب دين المسلمين سيكون مفيداً للميتة فهو يدل على أنها مسلمة وليست مسيحية فلتقل الحقيقة “عند ذلك قالت الشاهدة: بأنها كانت مسلمة, وتطلب الرحمة”. وهكذا تكشف للمحققين أن الشاهدة كانت مسلمة “فقيل لها أن توضح الوقت الذي كانت فيه مسلمة, قالت: نعم وقالت إنها اعتنقت دين الاسلام لأنه جيد, وفكرت أن تذهب بواسطته للجنة, وهي تطلب الرحمة” وهذه طبعاً كتابة كاتب المحكمة نقلاً عن وقائعها .

ثم سُئلت: “من الذي حَولّها مسلمة بعد أن كانت مسيحية؟ قالت إنها المدعوة ’’ماريا لادويدا‘‘, لأن هذه قبل ذلك كانت مسيحية أيضاً” وأن ’لادويدا‘ علمتها أشياء كثيرة مثل “قل هو الله أحد” وأخبرتها عن صيام المسلمين وكيف الصلاة ..إلخ..

بعد ذلك يتضح من وقائع الجلسة أن ما ذكرته الشاهدة التي سميت أيضاً بالمُعترفة قد جرى منذ عشرين عاماً من تاريخ المحكمة, وأن الشاهدة- المُعترفة ظلت مسلمة حتى قبل سنتين حين عادت للمسيحية .

وفي الجلسة الأولى لمحاكمة ’ماريا‘ كما سُجلت وقائعها في الورقة الرابعة “وعندما سُئلت (يقصد ماريا) أجابت إنها مسيحية معمدة ومؤكدة وتعترف وتسمع القداس عندما تأمر الكنيسة, وتعرف الصلوات, وجلست على ركبتيها, وأشارت وصلبت, على الرغم من أنها أخطأت ولا تعرف أكثر من ’آفي ماريا‘ (وهي صلاة كاثوليكية تؤدى باللاتينية وتعني كوني بخير مريم) وهذه تعرفها بشكل سيء” .

الورقة الخامسة: تضمنت تسجيل توجيه ثلاثة انذارات متتالية للمتهمة ’ماريا‘ “لتبحث في ذاكرتها وتقول حقيقة كل ما هو ذنب, لأن القيام بذلك سيؤدي إلى حل قضيتها بإيجاز ورحمة, لكنها أصرت أنها لم تفعل شيئاً من أشياء المسلمين”  .

في الورقة الخامسة عشرة سجل الكاتب أن ’ماريا‘ بعد إحضارها واستجوابها وردها بأن ليس لديها ما تقوله تم إنزالها لغرفة العذاب وأمرت بخلع ملابسها، وكونها عارية أمرت بالجلوس، وقيل لها أن تقول الحقيقة, فقالت لوكان لدي المزيد لقلته, ثم أمر بربطها وقيل لها أن تقول الحقيقة قبل أن يضغطوا عليها, قالت لهم فلينتظروا قليلاً, ماذا يجب أن تقول وهي لا تتذكر أحداً؟

ويبدو أنها تذكرت شيئاً فقالت إنه كان لديها صبي في بيتها يدعى ’’دييغو‘‘ ربما كان عمره عشر سنوات وأنه من بلدة “هورناتشوس” وقد جلبت له الماء وعلمته “قل هو الله أحد, وقل أعوذ برب الناس”، ومن الواضح أنها تذكرت ذلك لتتفادى المزيد من التعذيب .

في الأوراق اللاحقة يبدو أن كل ورقة كانت مخصصة لتسجيل وقائع جلسة أو أكثر اعتباراً من الورقة الرابعة التي سجلت وقائع الجلسة الأولى بتاريخ 25 آب (أغسطس) 1561م وفي الورقة السادسة عشرة الأخيرة يبدو أن ملف ’ماريا‘ قد أقفل على النحو الآتي:

حددت بلدتها كسجن لها بسبب مرضها (حكم مخفف), ويجب عليها أن تعترف في ثلاثة أعياد فصح في السنة, وتسمع القداس في أيام الأحد والأعياد, ولا تستطيع إحضار الذهب والحرير أو استخدام الأشياء الأخرى المحظورة على المتصالحين, وقد قالت إنها ستلتزم بذلك تحت طائلة العقوبة وتم إخضاعها لاختبار اشعارات السجن وعُهد اليها بالسرية ووعدت بها .

وأخيراً: “في غرناطة في اليوم الحادي عشر من شهر تموز عام 1562م بوجود المحققين المرخصين “دون دييغوا دي اسبينوزا”, و”أندريس دي الافا” وبعد اطلاعهما على هذه القضية قالا: إنه في شهر أيلول/ سبتمبر من عام 1561 بدأت المدعوة ’’ماريا لادويدا‘‘ منذ ثلاثين عاماً في ارتكاب جرائم البدعة والردة, ولأن المصالحة معها ومصادرة ممتلكاتها تمت, فهذا يدل على اعتراف من جانبها وهكذا أوضحت وأعلنت ذلك .

وقعوا بأسمائهم؛ المرخصون بالتوقيع:
دييغوا اسبينوزا (توقيع) , أندريس دي ألافا (توقيع)

حصل أمامي , كاتب العدل , بيدرو دي مانسيلا (توقيع)

 وفي الملخص فإن العجوز الأرملة ’’ماريا دي لادويدا‘‘ أخذت للسجن اثر بلاغ عنها يتلخص في أنها منذ أربع عشرة سنة قامت بتغسيل ميتة حسب الشعائر الاسلامية وأنها كانت تقوم بين وقت بآخر بقراءة بعض السور من القرآن وصوم رمضان, وأنها قامت بتعليم بعض الأشخاص سورة أو سورتين وبعض فرائض الإسلام ورغم أنها صرحت أنها مسيحية وأدت أمام المحكمة صلاة المسيحيين لكن ذلك لم يكن مقنعاً للمحكمة وفي النتيجة وبعد التعذيب والسجن الذي بقيت فيه حوالي سنة تحت الاستجواب (ليس من الواضح فيما اذا كان قد أطلق سراحها بين فترة وأخرى أم بقيت في السجن طيلة تلك المدة) وبعد الاستجوابات المتكررة واحضار الشهود فقد اعترفت ’ماريا‘ بالتهم وأعلنت توبتها وعودتها للمسيحية ووعدت بالالتزام بكل ما فرضته المحكمة، وفُرض عليها عدم مغادرة مكان إقامتها وصودرت كل أملاكها .

المحاكمة الثانية:

المتهم: برناردينو أبديلاسين – مسلم من قرية “تولوكس” في “ملاقة”

تاريخ الملف: 1560 م

يحتوي الملف على 8 ورقات .

تذكر الورقة الأولى: أنه بموجب أمر قضائي حضر المتهم ’’برناردينو أبديلاسين‘‘ مسيحي جديد من المسلمين إلى غرناطة مع ابنه وضامنه “راميرو هاكيم” من سكان “موندا” .

في الورقة الثانية: تتضمن إفادات للمتهم فيها أنه مزارع يبلغ من العمر 36 عاماً وأن والده ووالدته كانا مسلمين أندلسيين من سكان “تولوكس”, وأنه متزوج من ’’مارينا‘‘ زوجته وله منها أربعة أبناء ’دييغو‘ و’ماريا‘ و’خوان‘ و’خوانا‘ .

أقسم المتهم الأيمان أنه مسيحي معمد ومؤكد ويعترف كل عام, ويستمع إلى قداس الأحد والعطلات, ويعرف صلوات الكنيسة, وحين أمر أن يقولها قالها لكنه أخطأ ببعض الكلمات في صلاة مريم .

سئل فيما إذا كان يعلم سبب إحضاره فقال نعم, لأنه منذ 12عاماً ولد له ابن يدعى ’دييغو‘, ظهر وكأن عضوه الذكري غير طبيعي, فدعا كاهنا في “تولوكس” وأظهر له الطفل, وطلب منه شهادة عن أن الطفل ولد هكذا, فأخبره الكاهن أنه ليس بحاجة لأي شهادة مكتوبة, وأنه إن حصل لديه أي شيء فهو (أي الكاهن) سيقول الحقيقة وبقي الأمر على هذا النحو, لكن بعد ثلاث أو أربع سنوات أرسل كاهن “ملاقة” إلى المتهم ’برناردينو‘ أمراً باعتقاله ومصادرة ممتلكاته, وسُجن لبضعة أيام, وسمع في السجن أنه قد تم إحضار شاهدين وأن المعلومات سترسل إلى محاكم التفتيش في غرناطة, ثم أطلق سراحه وصادروا ممتلكاته, وبالتالي فهو يعتقد أن ذلك سبب إحضاره الآن .

الورقة الثالثة: تتضمن الورقة الثالثة أن إحضاره للمحاكمة تم بسبب معلومات ضده عن أشياء قام بها وقالها, وشاهد الآخرين يقولونها ويفعلونها في إهانة لإيماننا الكاثوليكي المقدس, لذلك تم تحذيره بقول الحقيقة وإفراغ ضميره, حتى يمكن الانتهاء من قضيته بسرعة ورحمة .

أجاب المتهم أن ليس لديه ما يقوله سوى ما قاله سابقاً, فأمر بعدم مغادرة مكان إقامته في بلدته وأن يأتي وقت الجلسات, ويحتفظ بالسر (يقصد ما يجري أثناء محاكمته) .

الورقة الرابعة: تتحدث الورقة عن تحقيق تم إجراؤه حول المتهم, وأن الأدلة التي تم تجميعها سوف تبقى سرية في الوقت الحاضر, وسوف ترسل إلى رئيس دير غرناطة .

الورقة الخامسة: تتضمن تقرير أحد المحققين ويدعى “دييغو رومبيرتو” المرخص الكنسي في “ملاقة” يقول فيه إن المتهم ’’برنالدينو أبديلاسين‘‘ والد ’دييغو‘ يقول إن ابنه ’دييغو‘ ولد على الحالة التي عمده عليها الكاهن حينما طلب منه خلع ملابسه ليتم استقباله بالحوض للتعميد, وأقسم المتهم بالسيدة المباركة أنه يقول الحقيقة .

ثم يتابع المحقق المرخص “دييغو رومبيرتو” أنه يطلب عقد جلسة يتم فيها استدعاء الشهود الذين سيعرضهم المتهم وأخذ اليمين منهم قبل الإدلاء بشهاداتهم, وأن يتم تدقيق أقوال المتهم ثم يتم التوقيع على ذلك المحضر من قبل الجميع وأن يغلق ويختم ويرسل إليه ثانية .

الورقة السادسة: تتضمن أقوال الشهود ومنهم “لويس فرنانديز كاليرو” أحد سكان البلدة وبعد أدائه القسم قال إنه يعرف المتهم وابنه ’دييغو‘ وأنهم عندما ذهبوا لتعميده في الكنيسة وتم جلبه هو ليكون عراباً له, وعندما جردوه من ثيابه ليتم تعميده بالحوض ورأوا عضوه الذكري يكاد أن يكون تقريباً وكأنه مختون, وأن الذين كانوا هناك نظروا إليه بعناية لمعرفة ما إذا كان مختونا باليد, وأنهم لم يجدوا أي علامة تدل على القطع, بحيث ظهر للجميع أنه كان نقصاناً طبيعياً, لأنه لو كان مختوناً باليد لكان قد عرف .

سُئل الشاهد عمن كان حاضراً أثناء التعميد, وهل عمده رجل دين؟ فقال إن “هيرناندو توماس” و”فرانسيسكو لوبيز” كانا حاضرين وأن “غارسيا فرانسيسكو روسادو” خريج “ماربيا” كان وقتها في “تولوكس” .

وتقدم “فرانسيسكو روسادو” المرخص من “ماربيا” بشهادته فقال إنه يعرف المتهم وابنه المذكور ’دييغو‘ وأنه في الوقت الذي ولد فيه ’دييغو’ كان في نفس البلدة أي “تولوكس” وأن المتهم اتصل به في وقتها لرؤية ابنه الذي ولد بنقص طبيعي في القلفة وأن “فرانسيسكو روسادو” رآه بصحة جيدة لأنه لو تم قطعه باليد لما استطاع التوقيع على شهادة ميلاده وهذه هي الحقيقة لأجل القسم الذي أقسم عليه, ووقع على ذلك .

الورقة السابعة: تتضمن شهادة شاهد آخر اسمه “بالتاسار دي سيبولفيدا” كشاهد مسيحي قديم وأحد سكان البلدة فكرر إفادة مشابهة, وقال بأنه يعرف المتهم وابنه ’دييغو‘ وأنه كان حاضراً في الكنيسة عندما جاؤوا لتعميد الطفل وأنه رأى كيف ظهر عضو ’دييغو‘ وكأنه مختون, وأن الحاضرين قد شاهدوا أنه لم يكن مختوناً يدوياً ولا وجود لعلامة قطع عليه, وأن هذه هي الحقيقة وما يعرفه لأجل القسم الذي أقسمه ووقع على ذلك .

ثم تقدم المتهم بشهادة مماثلة لـ”بياتريس غارسيا” زوجة جاره, فذكرت شهادة مشابهة لما سبق وأضافت أن والده ووالدته كانا في حالة حزن وأنهما اتصلا بالكاهن “روسادو” وأطلعاه على الطفل, وذلك هي الحقيقة لأجل القسم ولم توقع لأنها لا تعرف الكتابة . ثم تقدم المتهم بشاهدة أخرى هي سيدة عجوز محترمة فكانت شهادتها كما سبق ممن سبقها .

الورقة الثامنة: تتضمن الورقة أنه أمام اللجنة المختصة مثل المذكور “بيرناردينو ابيلاسين” وقدم الشهود المذكورين وقد قمت أنا “بارتولومي دي دويناس” بعد أن أقسمت اليمين بكتابة كل ما قاله الشهود… وأن ’دييغو‘ ابن ’بيرناردينو‘ لم يكن لديه آثار قطع, وأنه بدا للمحقق “برناردو” أنه مختون وأن البقايا أزيلت وتم شفاؤه لأنه كان صغيراً جداً .

للأسف فإن الملف لم يتضمن حكماً صريحاً بتبرئة المتهم ’بيرناردينو‘ من جريمة ختن ابنه, والعبارة الأخيرة تبعث على الحيرة فهي تتضمن أن المحقق “برناردو” وجد أن الطفل ’دييغو‘ مختون وأن آثار العملية أزيلت لأنه كان صغيراً جداً, بينما جميع الشهود بما فيهم الكاهن الذي كان في البلدة قد شهدوا أن عضو ’دييغو‘ كان تنقصه قطعة جلد بالولادة .

وهكذا سنبقى نفكر في نوع الحكم الذي أصدرته المحكمة الموقرة جداً حول الجريمة المشتبه بأن ’بيرناردينو‘ قد ارتكبها عن سابق إصرار وترصد .

يبدو من محاضر المحاكمتين أن مصادرة الممتلكات لا تحتاج لقرار المحكمة, ويتم إجراؤها بمجرد توجيه التهمة والإبلاغ عن المتهم وكذلك السجن, كما أن التعذيب أثناء السجن إجراء معتاد جداً ويتم لمجرد الشك في أن المتهم يخفي شيئاً أثناء الاستجواب أو أنه لم يعترف بالتهمة الموجهة اليه وأنكرها ولا يحتاج قرار التعذيب لأي ضوابط أو إجراءات مسبقة سوى ما يراه المحقق, كما أنه كان يجري لأتفه سبب كما هو واضح من ملف ’’ماريا لادويدا‘‘ .

هوامش الحلقة الثامنة:

 

(39) من كتاب ” ملفات محاكم التفتيش ” الذي يحوي 23 ملفا تم الحصول عليها وتحقيقها من قبل الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي ونشرت سنة 2020 ( منشورات القاسمي – الشارقة ) وأكتفي بهذا البحث بسرد الوقائع الهامة لمحاكمتين مع الدلالات .

…………………………….

مراجع الكتاب:

* الحضارة الفينيقية – تأليف ج . كونتنو – ترجمة د. محمد عبد الهادي شعيرة

* المدن الفينيقية – د. محمد أبو المحاسن عصفور

* تاريخ الحضارة الفينيقية – جان بازل

* الفينيقيون في اسبانيا  THE PHOENICIANS IN SPAIN مراجعة أركولوجية بين القرن الثامن والسادس ق.م.. مارلين ر.  بيرلنغA Collection of Articles Translated from Spanish , Translated and edited by : Marilyn R. Bierling

* الفينيقيون والغرب – السياسات – المستوطنات – التجارة – ماريوجينيا أوب

THE PHOENICIANS AND THE WEST MARIAEUGENIA AUBE Politics, colonies and trade              * رومنة وسط أسبانيا – ليونارد كورشن

THE ROMANIZATION OF CENTRAL SPAIN Complexity, diversity and change in a provincial hinterland Leonard A. Curchin

*سلسلة العصورالوسطى روث مازوكرس  The Middle Ages Series   – Ruth Mazo Karras

*الموسوعة البريطانية  بريتانيكا BRITANNICA

* القوط في القرن الرابع الميلادي  – بيتر هيثر و جون ماثيوس .

The Goths in the fourth century-  PETER HEATHER and JOHN MATTHEWS

* أسبانيا القوطية  بين 409-711.. م- روجركولينز  Visigothic Spain- 409–711   Roger Collins

* تاريخ اسبانيا العصور الوسطى – جوزيف سي إف .اوكلاغهان .

A history of medieval Spain – Joseph CF. O’Callaçjhan

*اسبانيا – تاريخ – ميلفينا مكيندريك  SPAIN – A HISTORY- MELVEENA MCKENDRICK

* رومنة وسط اسبانيا – ليونارد أ. كوركبن  THE ROMANAIZATION OF CENTRAL SPAIN – LEONARD A. CURCBIN

* “الاسترداد” والحملة الصليبية في اسبانيا العصور الوسطى Reconquest and Crusade  in Medieval Spain   – Joseph F. O’Callaghan

* قصة العرب في اسبانيا – ستانلي بول .

* تاريخ مسلمي اسبانيا – رينهارت  دوزي .

* بحث في تاريخ نشر العقيدة الاسلامية – توماس أرنولد .

 * تاريخ اسبانيا الإسلامية من الفتح وحتى سقوط الخلافة الأموية – ليفي بروفنسال .

 * الدين والدم – إبادة شعب الأندلس – ماثيو كار

* اسبانيا – تاريخ فريد– ستانلي بين

* التببشير والتفتيش من خلال المدجنين ( المتحولين نحو المسيحية ) والمورسكيين في إسبانيا 1250-1550 جون ادواردز MISSION AND INQUISITION AMONG   CONVERSOS AND MORISCOS IN SPAIN 1550-1250, JOHN EDWARDS

* “الاسترداد” والاستيطان في القرنين الثاني عشر والثالث عشر خايمي فيسينز فيفس Reconquest and Resettlement in the 12th and 13th Centuries By : Jaime Vicens Vives

* حضارة العرب في الأندلس – ليفي بروفنسال

* فتح الأندلس – ابن قوطية

* أخبار مجموعة – تحقيق ابراهيم الأبياري

* المجتمع الأندلسي في العصر الأموي – حسين دودار

* القضاء في الأندلس من عصر الامارة إلى نهاية عصر الخلافة – د. شكري يوسف

* المقتبس في أخبار بلد الأندلس – ابن حيان الأندلسي

* قصة الأندلس من الفتح إلى السقوط – راغب السرجاوي

* فجر الأندلس – د. حسين مؤنس

* نفح الطيب في غصن الأندلس الرطيب – أحمد المقري

* المورسكيون ومحاكم التفتيش في الأندلس – د. عبد الله الحمادي

* محاكم التفتيش – د. رمسيس عوض

 * كتاب ” ملفات محاكم التفتيش ” يحوي 23 ملفا تم الحصول عليها وتحقيقها من قبل الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي .

* تاريخ الشعوب الاسلامية – كارل بروكلمان

* الروض المعطار في خبر الأقطار – محمد بن عبد الله الحميري

*البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب – ابن عذارى

———————————

انتهى…

«معقل زهور عدي»: كاتب وباحث عربي سوري

التعليقات مغلقة.