الحرية أولاً , والديمقراطية غاية وطريق

كتاب « الأندلس إبادة شعب وحضارة » للكاتب: ’’ معقل زهور عدي ‘‘.. الحلقة الأولى

( الحرية أولاً ) ينشر حصرياً كتاب « الأندلس إبادة شعب وحضارة » للكاتب: ’’ معقل زهور عدي ‘‘.. الحلقة الأولى: المحتويات والمقدمة

المحتويات:

* إهداء

* مقدمة

* الفصل الأول

1- هل إسبانيا أوربية ؟

2- تاريخ إسبانيا قبل الفتح العربي- الإسلامي

3- من هم الفينيقيون

4- أصول الفينيقيين

5- الإسهامات الفينيقية الحضارية

6- ما بين فينيقية وقرطاجة وبين شبه الجزيرة الإيبرية

7- العصر الروماني .

* الفصل الثاني

1- عصر القوط

2- الفتح العربي الإسلامي ( أسلمة الأندلس وتعريبه)

* الفصل الثالث

1- حروب “الاسترداد”

2- حروب “الاسترداد” والحروب الصليبية

3- غزو “شارلمان” ملك الفرنجة لبلاد الأندلس

4- تطور المواجهة بين الأندلس  والممالك الإسبانية

5- السردية التقليدية الغربية لحروب “الاسترداد”

6- التقدم الحضاري الأندلسي وحروب “الاسترداد”

7- حضارة الأندلس

* الفصل الرابع

1- إبادة شعب الأندلس

2- محاكم التفتيش

* خاتمة

* ملحق (محاكمتين في محاكم التفتيش عام 1561م)

* هوامش البحث

* مراجع البحث

————————————————————————

                                            إهداء

إلى روح والدتي ضياء روحي ومنارة المحبة

———————————————————————–

                                          مقدمة

في التاريخ الأوربي هناك مرحلة هامة كونت الخلفية الذهنية لفهم أوربة لذاتها ككيان حضاري وهي المرحلة التي شهدت الامبراطورية الرومانية بين العام 37 قبل الميلاد والعام 437 ميلادي, ورغم الإنجازات الفكرية الهائلة لليونان إلا أن مساهمتها في تشكل الوعي بالهوية الأوربية أقل من مساهمة المرحلة الرومانية, وذلك عائد للتوسع الكبير للإمبراطورية الرومانية وطول مدتها وشمولها معظم أوربة وقسما كبيرا من العالم المتمدن ولدرجة تطور القوانين المدنية والفنون المعمارية فيها وأخيراً لاعتناقها المسيحية ونشرها في أوربة والعالم فالمكون المسيحي جزء لا يتجزأ من الهوية الحضارية الأوربية وقد اندمج تاريخه مع تاريخ الإمبراطورية الرومانية بطريقة لا فكاك منها, وقد أنتجت المرحلة الرومانية الفهم الأوربي لمركزية أوربة العالمية, فالعالم هو أوربة وأوربة هي العالم, وما حول أوربة هو ملحق لها أو هو هامش أقل أهمية بكثير, والحضارة الانسانية أوربية في جوهرها, وقد تطورت وتقدمت بتسلسل بسيط تبدأ طفولته في اليونان ويجد في الإمبراطورية الرومانية شبابه الأول ثم يمر بمرحلة سبات في القرون الوسطى وكأن الزمن توقف فيها لأكثر من خمسمئة عام, ثم تعود الحضارة الأوربية لتنهض من جديد من حيث توقفت ولتتأكد طبيعتها المركزية العالمية .

حاولت تلك السردية الأوربية التغلب على خلل كبير فيها يتمثل في كون المسيحية ذات الأصول الشرقية- السامية قد لعبت دورا رئيسيا في بناء الهوية الحضارية الأوربية ومنع انقسامها رغم تبايناتها الكبيرة فيما بينها من حيث الأصول العرقية والاختلافات اللغوية والثقافية . وأهم تلك المحاولات تجسد في محاولة تحويل العقيدة المسيحية التي تحمل كل صفات منبتها السامي إلى عقيدة أوربية خالصة لا علاقة لها ببنيتها الأصلية وبلغت تلك المحاولة ذروتها في سحب المركز الروحي للمسيحية من انطاكية والاسكندرية نحو القسطنطينية ثم روما  التي هي للمصادفة مركز الامبراطورية الرومانية .

ولكي لا نستطرد كثيرا, نعود إلى أحد أهم وجوه السردية الأوربية وهو النظر باستخفاف واستعلاء للحضارات خارج أوربة وحولها, واعتبارها هوامش للحضارة الأوربية المركزية, والنظر لبلاد الشام وشمال أفريقية كمستعمرات ملحقة بالإمبراطورية الرومانية, بالتالي رفض أي كينونة مستقلة لذلك النطاق الجغرافي, فهو وإن لم يكن أوربيا لكنه امتداد خاص بأوربة ملحق بها, وبكلام آخر هو حديقة خلفية لأوربة .

بالتالي فقد استقر في خلفية العقل الأوربي أن الإسلام قد نازع أوربة مركزيتها العالمية وحقها التاريخي وسلب منها أملاكها في بلاد الشام ومصر وشمال أفريقية, فهو أكبر تحد واجه الامبراطورية الرومانية بعد قرطاجة التي كادت تقضي على الامبراطورية الرومانية وتحل محلها وبلغ التحدي ذروته في اقتحام إحدى بوابات القلعة الأوربية في شبه الجزيرة الإيبرية .

ورغم أن راية الحروب الصليبية كانت دينية مسيحية, فالصراع الكامن خلفها كان يدور أيضا حول استعادة أملاك الامبراطورية الرومانية التي ذهبت في الواقع ولم تذهب من العقلية الأوربية, فالتعصب المسيحي كان يخدم كوقود لأهداف مستقرة في الروح الأوربية التي تبلورت في الذاكرة التاريخية .

ولعل  الحروب الصليبية المتجهة نحو بلاد الشام ومصر وشمال أفريقية, وحروب اقتلاع العرب المسلمين وحضارتهم من الأندلس قد صدرت من مصدر واحد ولذات الهدف وهي حدثت في السياق التاريخي الزمني نفسه . سوى أن أشد الحملات ضراوة كانت تلك التي جرت داخل أوربة وعلى تخومها أي في الأندلس .

وإذا كان مطلوبا اليوم بناء الجسور للتعايش بين الحضارات ونبذ التعصب, فإن تلك الجسور لا يمكن بناؤها بصورة راسخة دون الاعتراف بحقائق التاريخ, وتبني وجهة نظر عادلة ومنصفة للمظالم التي حصلت في ثناياه وبصورة خاصة إدانة حملات الابادة والتطهير العرقي أو الديني ومحاكم التفتيش, والاعتراف بالمساهمة الكبيرة للحضارة العربية الاسلامية في الحضارة الانسانية الراهنة وبصورة خاصة الحضارة العربية- الاسلامية في الأندلس والإشعاع الذي أضاءت به ظلام القرون الوسطى في أوربة والذي لم يكن هناك من غنى عنه للنهضة الأوربية, فذلك وحده يعطي التعايش مصداقيته وديمومته كما يرغب الجميع بذلك.

——————————————————————————

يتبع.. الحلقة الثانية: الفصل الأول ( الجزء الأول )

«معقل زهور عدي»: كاتب وباحث عربي سوري

التعليقات مغلقة.