الحرية أولاً , والديمقراطية غاية وطريق

في الذكرى السنوية الثالثة عشرة لثورتنا السورية..الثورة السورية مستمرة

ملف في ذكرى الثورة

أحمد العربي *

الربيع عند السوريين له طعم مختلف، فهو يقدم لهم أحاسيس متنوعة في علاقتهم مع الطبيعة وأن رب العالمين أكرمهم بمطر لعام جديد، وأن ارضهم ستقدم ما احتضنت من جهدهم وتعبهم.

الربيع عند السوريين بعد ربيع عام ٢٠١١م أصبح بطعم الحرية والكرامة والعدالة والحقوق كاملة، عمل السوريين جميعا ليستعيدوها من قبضة النظام المستبد المجرم الذي فرض وجوده بالقوة والبطش والقمع والاعتقالات والسجون والتصفيات على كل السوريين عبر عقود، بحيث حاول أن يجعلهم مجتمع عبيد بسبب القمع والاستبداد والتوحش.

السوريون انتفضوا على جلادهم ومستعبدهم وهم يرون ويعلمون الثمن الذي سيدفعونه وهم دفعوه فعلا، لكنهم انتصروا لإنسانيتهم اولاً واسترداد حقوقهم ثانياً.

الثورة السورية في ربيع عام ٢٠١١م هي الفعل الأكثر قوة وتحدٍ لنظام القمع والبطش والاستبداد في سوريا. في مجتمع كان النظام قد حيّد اغلب العمل السياسي المعارض وهمّشه، وجعل السجون والمعتقلات مأواهم لسنين طويلة. كما جعل الفساد أساس تسيير حياتهم. وتأمين لقمة عيشهم اقصى امانيهم. كان من المستحيل ان يخرج هذا الشعب المرعوب والمدجن في مواجهة النظام، لكنه قام بثورته، ثورة على شكل طوفان شعبي في كل سوريا، ولعلنا لا نغالي ان قلنا ان الثورة السورية أول ثورة في التاريخ تشارك بنشاطها وحراكها هذه النسبة من الشعب السوري بالملايين في الساحات والبلدات والمدن، تطالب بإسقاط النظام المستبد واسترداد الكرامة والحرية والعدالة والديمقراطية وحقنا بالحياة الأفضل.

نعم دفع الشعب السوري الثمن الأكبر الذي لم تدفعه أي ثورة في الربيع العربي، مليون شهيد وأكثر ومثلهم مصابين ومعاقين.. نصف الشعب السوري المقدر ثلاثة عشر مليون إنسان مشرد ولاجئ داخل سوريا وخارجها.. مئات آلاف المعتقلين والمغيبين قسريا. أكثر من نصف البنية التحتية السورية مدمر.. كل ذلك فعله النظام وأكثر، استعان بالإيرانيين وحزب الله والميليشيات الطائفية وروسيا بقوتها العسكرية الجوية واستباح سوريا كاملة وأدى لما حصل.

لم يقبل النظام أن يقدم للشعب أي مكتسب نتيجة ثورته. ونفذ مقولته، الاسد او نحرق البلد، أو ندمر البلد. وهكذا حصل.

ليس ذنب الشعب السوري وثورته أن الداعمين للثورة السورية ولأسباب كثيرة لم يستطيعوا ولم يعملوا حتى يجعلوه منتصرا.؟ !!

ليس ذنب الشعب السوري وثورته أن النظام اخرج من جرابه القاعدة وداعش وحزب العمال الكردستاني الـ ب ك ك وجعلهم يعيثون في سوريا فسادا…

ليس ذنب الشعب السوري وثورته أن تحضر أمريكا كأكبر ذئب في العالم لتأخذ حصتها من الوليمة “الجسد” السوري بحجة محاربة داعش، تهيمن على شرق الفرات وشمال شرق سوريا ناهبة النفط والغاز والانتاج الزراعي، وراعية لحزب العمال الكردستاني وال ب ي د وقوات سوريا الديمقراطية مؤسسة لكيان انفصالي كردي في سوريا…

ليس ذنب الشعب السوري وثورته هروب ملايين السوريين الى جميع دول العالم، غرق البعض في البحر ومات البعض في الغابات بين الدول ووصل البعض الى دول احترمت انسانيتهم وجهودهم واستثمار طاقتهم وأصبحوا منارات نجاح حيث وصلوا. نعتز بهم…

ليس ذنب الشعب السوري وثورته أن أصبحت سوريا مرتعا للطائفيين الفرس بخدعة انهم شيعة ليعيدوا مجد فارس وليغيروا الهوية العربية لسوريا…

ليس ذنب الشعب السوري وثورته أن يفتقد المتبقين من الشعب السوري داخل مناطق سيطرة النظام. الى كل مقومات الحد الادنى للحياة مثل الكهرباء والغذاء وأسباب العيش كلها. وأن يعيشوا في فقر مدقع تحت حد الجوع…

وان يتحول النظام المجرم المستبد إلى تاجر مخدرات ومروج لها في العالم. وان تعيث ذئاب النظام نهشا في شعبنا المتبقي داخل سوريا مغلوبا على أمره…

ليس خطيئة تنسب للثورة السورية ومشروعيتها ان يتحدثون عن أخطاء في المسار السياسي والعسكري للثورة السورية، حصل ذلك وكثيرا، نعلم لعبة الدول والمصالح والدعم والرعاية والنزعات الفردية للبعض، لكن الأهم كان ان هناك ارادة دولية بعدم نجاح أي ثورة من ثورات الربيع العربي ومنهم الثورة السورية.

ليس تنصلا من المسؤولية، بل وضع النقاط على الحروف، وسيأتي يوم يحاسب الشعب السوري كل من خان ثورته أو تلاعب بها لأي سبب كان…

لقد سقطت ورقة التوت عن النظام وانفضت عنه حتى حاضنته الطائفية، لكنه اسكتهم عندما قتل ابناءهم في الكلية الحربية في حمص وأرسل لهم رسالة مفادها:

“اقتلكم كما قتلت كل السوريين الآخرين.. اصمتوا أو الموت ينتظركم”…

وماذا بعد… هل كانت الثورة السورية لازمة…؟ بالطبع لازمة.. وماذا عن التضحيات ؟.هي من نتائج اجرام النظام. وماذا عن المستقبل؟. المستقبل للشعب السوري وثورته:

مازالت الثورة مشروعاً مستمراً لإسقاط النظام وتحرير سوريا من المحتلين الروس والايرانيين والامريكان والميليشيات الطائفية.. ومازالت الحقوق الشعبية بالحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية مشروعة ومازال الشعب السوري يطالب بها.. كل سنة وثورتنا بخير ومستمرة.

 

* ناشط وكاتب سوري

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.