الحرية أولاً , والديمقراطية غاية وطريق

المواطنة والمواطنة المتساوية في سورية.. الواقع والعقبات والمستقبل(3/3)

د. بدرالدين عرودكي

     2المواطنة والمواطنة المتساوية في سورية الجديدة: المعوِّقات، العقبات، الممكنات

   ما تزال مسألة المواطنة مفهومًا ومقومات وقيمًا في سورية مسألة إشكالية لم تحظ، بعد تغييبها الفعلي مفهومًا وحقوقًا في حياة السوريين طوال أكثر من خمسين عامًا، بقدْرٍ مقبول من إجماع من وقفوا مع الثورة السورية وتبنوا علَمَها وأهدافها العامة، ثم اختلفوا على التفاصيل، ولاسيما حول كل ما يتعلق بمفهوم الديمقراطية بما تعنيه من استقلال السلطات الثلاث، والتعددية، وحقوق المواطنة والمواطنة المتساوية من أجل سورية الجديدة التي يفترض أنهم يناضلون من أجل تحقيقها. هي لا تزال مسألة إشكالية، لأن هناك منهم من يرفض المفهوم شكلًا ومضمونًا بوصفه استيرادًا من الثقافة السياسية الغربية لا يحتاج إليه السوريون مادامت الشريعة الإسلامية حافلة بكل ما يتعلق بحقوق الإنسان وواجباته الدينية والدنيوية والأخلاقية؛ وفي مواجهتهم، هناك من يعتمد الشرعة الدولية لحقوق الإنسان التي تعتبر حقوق المواطن والمواطنة جزءًا لا يتجزأ منها ويضعونها في أولويات برنامجهم السياسي مادام تحقيق الدولة الحديثة الديمقراطية هدفهم، ولا يرون تناقضًا بين التراث الإسلامي وحقوق الإنسان كما أقرتها منظمة الأمم المتحدة، العالمية، في عام 1948 لاسيما وأن سورية بلد تعددية الإثنيات والأديان والمذاهب والطوائف لا يمكن سوى لمفهوم المواطنة المتساوية أن يسمح فيها بتحقيق التوازن السياسي والاجتماعي والثقافي؛ وبين هذيْن الاتجاهين اتجاه ينوس بين من يعمل على التوفيق بين ما يعتبره نصوص الشريعة الإسلامية ــ مع محاولات في تفسير وتأويل نصوصها الأصولية بما يتناسب مع التطورات التاريخية والاجتماعية في مجال مفاهيم السياسة والحوكمة والإدارة ــ، من ناحية، وبين من يعمل على التلفيق بين الشريعة الإسلامية في ما يعتبره أصولها التاريخية، مُبَرهِنًا على وجهة نظره في مسألة المواطنة والمواطن بالقفز قرونًا بين مبدأ فقهي وُضِعَ في القرن الثامن الميلادي وبين تطبيق لمعانيه جرى في القرن الرابع عشر ويمكن بسبب ذلك في نظره تطبيقه في القرن الحادي والعشرين.

   تتجلى هذه الاتجاهات الثلاثة، كما سبق القول في الصفحات السابقة، في مختلف برامج ومواقف الأحزاب والتنظيمات السياسية السورية التي  تضمنت رؤيتها لمفهوم المواطنة وحقوقها وقيمها وكذلك في مجمل ما نشر من مقالات ودراسات وكتبٍ حول موضوع المواطنة خصوصًا. يطرح وجودها معًا في المشهد السياسي السوري على المراقب مثلما يطرح على الباحث السؤال الرئيس: ما الاتجاه الأكثر ملاءمة لسورية القادمة التي يتطلع السوريون إلى قيامها من جديد على أنقاض الاستبداد وما أنجزه من تدميرٍ مادي وسياسي واجتماعي وثقافي خلال نصف قرن، وما الذي يجعل هذا الخيار أو ذاك أكثر شرعية من سواه؟

   من الواضح أن الإجابة عن هذا التساؤل تقتضي، من حيث المبدأ، معرفة رأي السوريين واتجاهاتهم في هذا المجال مادامت القوى السياسية، الطامحة لا للتعبير عنهم فحسب بل وتمثيلهم، تعمل من أجلهم ولتحقيق مطالبهم وتطلعاتهم. ولأن الوصول إلى معرفة هذا الرأي، بصورة شاملة وديمقراطية، يستحيل تحقيقه في الوقت الراهن قبل الوصول إلى بداية تنفيذ المرحلة الانتقالية المأمولة في الحل السياسي المنصوص على مجرياته في قرار مجلس الأمن 2254،  فإن الطريقة الوحيدة الممكنة اليوم هي استطلاع رأيهم وفق معايير البحث الميداني العلمية يمكن لنتائجه أن تسهم في الإجابة عن التساؤل المذكور.

   مثل هذا الاستقصاء بات اليوم متاحًا بفضل ما أنجزته “منظمة اليوم التالي” التي نشرت في أيلول/ سبتمبر 2021 تحت عنوان “انطباعات السوريين والسوريات حول المواطنة والهوية” قام بتحقيقه فريق ميداني مؤلف من  52 باحثة وباحثًا اعتمادًا على عيِّنة مؤلفة من 2561 سورية وسوري مقيمين داخل سورية وخارجها من خلفيات دينية ومذهبية وقومية وإثنية متنوعة وكذلك من مستويات تعليمية ومعيشية مختلفة. وقد انصب الاستقصاء على “إلقاء الضوء على انطباعات السوريين والسوريات حول قضايا الهوية وارتباطها بمفاهيم المواطنة المتساوية، بكافة أبعادها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. بالإضافة إلى رصد العلاقة بين الانتماءات الهوياتية وبين الحقوق المدنية والميول الانتخابية ومصادر التشريع في الدولة”(55).  ولهذا السبب فإن نتائجه التي قامت على عينة واسعة من السوريين والتي تقدم دلالات وإشارات على وجهة السوريين في خياراتهم لا يقينيات نهائية يمكن أن تكون دليلًا مُوجِّهًا لتحديد معنى المواطنة والمواطنة المتساوية التي يريدها السوريون، كما يمكن انطلاقًا منه، وفي ضوء ما بات معروفًا من مواقف القوى السياسية على اختلافها إزاء موضوع المواطنة والمواطنة المتساوية على وجه الدقة، تحديدَ المعوّقات والعقبات والممكنات.

     ث‌. المواطنة والمواطنة المتساوية

   سبق أن اعتمدت هذه الدراسة في مدخلها نقلًا عن “دليل المواطنة” تعريفًا للمواطنة بوصفه الوضع الذي “يميِّز العلاقات القائمة بين المواطن من جهة، والدولة (أو المؤسسات)، والمجتمع (أو المواطنين الآخرين)، والفضاء (أو مجال العيش المشترك) من جهة أخرى. وهو وضع يقوم على مبادئ راسخة هي: المسؤولية والحرية والتشاركية والمساواة،  ويفترض عددًا من القيم المواطنية، أهمها: الكياسة (الآداب العامة)، والتضامن، والوعي المدني والإنسانية”. ميزة هذا التعريف أنه يشمل المواطن بالمعنى العام، أي ذكرًا كان أم أنثى. ومن ثم فالمساواة بينهما على الصعد كافة لا تقل عن المساواة أيضًا في الانتماء الإثني أو الديني أو المذهبي أو الطائفي أو المناطقي أو الطبقي. والواقع أن أساس رفض أو قبول مفهوم المواطنة المتساوية وما تقتضيه من حقوق وواجبات يرتدُّ إلى مسألة التمييز بين المرأة والرجل، وإلى تعددية الإثنيات واللغات والأديان والمذاهب والطوائف في المجتمع الواحد. وهي أسس تجد صداها أو تجسيدها في الموروثات التاريخية الراسخة في الوعي الجمعي بفعل مختلف تأويلات عفا عليها الزمن لا تزال السلطات الدينية الموازية تكررها حرفيًا لنصوص كانت تقبل طوال قرون مختلف التأويلات التي يفرضها الزمان أو المكان، مثلما تجد نصوصها التشريعية سواء في مختلف الدساتير التي توالت في سورية خلال الخمسين سنة الماضية، أو في القوانين العديدة الصادرة خلال الفترة ذاتها ولاسيما قوانين الأحوال الشخصية المتعددة الخاصة بكل من الأديان أو الطوائف.

     ج‌. معوّقات اعتماد المواطنة المتساوية

   من الطبيعي أن يتضح أنَّ أولى المعوّقات التي تحول اليوم دون البدء في اعتماد وتفعيل مفهوم المواطنة المتساوية على مختلف الصعد القانونية والعملية تتجسَّدُ في غياب دولة ديمقراطية تتبنى مبدأ الحيادية تجاه الأديان والمعتقدات؛ وهو غياب يترافق في الواقع العملي مع تضاؤل الشعور بالانتماء الوطني إلى سورية أو بالهوية الوطنية بل وفي تشظي هذه الهوية إلى هويات فرعية ذات طابع إثني أو ديني أو طائفي. لا بل إن غياب الإجماع الوطني الراهن لدى القوى السياسية التي تعلن معارضتها أو مقاومتها للنظام الاستبدادي القائم حول طبيعة المواطنة المتساوية المنشودة في غياب هذه الدولة الديمقراطية يفاقم من خطورة هذه المعوقات ومن آثارها على الصعيد العملي، مثلما يفاقم منها رسوخ الموروثات التاريخية التي كان النظام الاستبدادي يجد فيها على الدوام دعمًا غير مباشر لممارساته على الصعيدين السياسي والاجتماعي. بعض هذه الموروثات يتجلى، فيما وراء قوانين الأحوال الشخصية المتعددة، في تقاليد غياب المساواة بين الرجل والمرأة في كل ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

   تختلف هذه المعوقات في وسائل عرقلتها لمفاهيم كالديمقراطية أو المواطنة أو المساواة، لكن أشدها قدرة على العرقلة الحقيقية هي اضطراب مشاعر الانتماء إلى الوطن الذي مزقه الاستبداد والاحتلال، وعجزت أحزابه ونخبه السياسية عن توحيد قواها من أجل مواجهة هذا التمزق من جهة، وهذه الموروثات التاريخية الراسخة في وعي الغالبية العظمى من السوريين أيًا كانت انتماءاتهم الإثنية أو الدينية أو الطائفية، من جهة أخرى. وهي موروثات ساهم في تثبيتها بل وفي تعميقها لا من يتصدّون لتمثيل الأديان من المشايخ في الإسلام وزعماء منظمات الإسلام السياسي أو رؤساء الكنائس المسيحية فحسب، بل وكذلك رأس النظام وكذلك ورجاله (وهم غالبًا من موظفي الدوائر الأمنية) الذين كانوا ولا يزالون يستخدمونهم مستجيبين لبعض مطالبهم بهدف تثبيت مواقعهم ولما يعتبر “سلطتهم” في عيون رعيتهم من بسطاء الناس. إذ من الواضح أن مثل هذه المعوقات، التي لا يمكن التغلب عليها بين يوم وليلة، لا بل ربما احتاجت إلى أكثر من جيل كي تبدأ في التلاشي نتيجة خطط تربوية وتوعوية، يمكن أن تجعل من أي جهد يُبذل على الصعيد الرسمي من أجل توطيد مفهوم الديمقراطية أو مقومات المواطنة المتساوية وقيمها عبر القوانين والمؤسسات، جهدًا لا طائل من ورائه. لا يعني ذلك بطبيعة الحال تأجيل بل  البدء منذ الآن في وضع مثل هذه الخطط والمباشرة في وضعها موضع التنفيذ بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني تحت رعاية القوى الوطنية السياسية الديمقراطية التي يمكنها بذلك أن توسع من فضاء تأثيرها سياسيًا وإنسانيًا واجتماعيًا لصالح مجتمع التقدم والمساواة وحقوق الإنسان.

     ح‌. العقبات الرئيسة أمام اعتماد المواطنة المتساوية

   العقبة الأولى الأساس هي استمرار النظام الاستبدادي القائم حاليًا، أي النظام الأشدّ بعدًا عن النظام الديمقراطي ومفاهيمه ومقوماته والذي لا يمكن للمواطنة المتساوية ومقوماتها أن تجد طريق اعتمادها وتطبيقها بدونه. إذ أن تجربة خمسين عامًا في ظل حكم العائلة الأسدية برهنت على استحالة الجمع بين خطابها السياسي المخصص للخارج (دولة مؤسسات ديمقراطية وسلطات ثلاث ودستور .. إلخ) وممارسة الصيغة الخاصة من هذا الخطاب، وهي على نقيض الخطاب الأول، في الداخل (هيمنة الجهاز الأمني الذي كان الأداة الرئيسة الحاكمة والمهيمنة . كما برهنت مناسبات عدة عن استحالة الحوار مع هذه السلطة التي لم تسمح خلالها بأدنى حدٍّ من حرية التعبير عن الرأي دون أن يدفع صاحبه الثمن غاليًا سجنًا أو نفيًا أو قتلًا. حدث ذلك في عام  1979، كما حدث في النصف الثاني من عام 2000 على إثر تثبيت وريث أبيه في الرئاسة، وأخيرًا في النصف الأول من عام 2011 على إثر المظاهرات التي انطلقت مع مطالب الحرية والكرامة.

   العقبة الثانية، وهي لا تقل أهمية عن الأولى، غياب توافق حاسم  لدى القوى الوطنية على طبيعة النظام السياسي البديل وشكل الدولة المنشود. فمثل هذا التوافق يمكن له أن يشق الطريق نحو إمكان وضع خطط للمستقبل خاصة بمختلف الموضوعات الأساس ومنها مفهوم المواطنة المتساوية، يمكن أن يُدرج كلها أو بعضها في برامج هذه القوى السياسية التي يمكن لها أن تكتسب شرعية تمثيلها بناء عليها.

   العقبة الثالثة، غياب نظام وطني محايد تجاه الأديان، يعتمد فصل الدين عن الدولة، مع ضمان احترام الدولة للأديان جميعها ولحرية ممارسة شعائرها خارج الفضاء السياسي.

   العقبة الرابعة، تتمثل في تعدد قوانين الأحوال الشخصية المطبقة حاليًا في سورية والتي تحول جميعها دون تحقيق المساواة بين المرأة والرجل على الصعد الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية.

   العقبة الخامسة، غياب قانون مدني يشمل شؤون الأحوال الشخصية على أساس مدني يعتمد مقومات وقيم المواطنة المتساوية ويطبق مواده جميع المواطنين بلا استثناء، مع وجود نصٍّ فيه على احترام حرية المواطنين في الوقت نفسه من أتباع الديانات المختلفة بالعمل وفق تعاليم دينهم فيما يخص أحوالهم الشخصية.

   العقبة السادسة، غياب الخطط التعليمية والتربوية والتثقيفية حول المواطنة المتساوية ومقوماتها وقيمها وفوائدها في بناء مجتمع متوازن يتمتع أفراده بالحرية والاحترام وممارسة كافة الحقوق والقيام بكل الواجبات التي يفرضها عليه قانون الدولة التي ينتمي إليها.

   العقبة السابعة، تتجلى في غياب تحقيق العدالة الانتقالية بعد خمسين عامًا من حكم استبدادي ونيف وعشر سنوات من القمع والسجن والقتل والنفي والتدمير. مثل هذا الغياب سيحول دون الوصول إلى مصالحة جماعية تخفف آلام الماضي وتحقق السلم الأهلي الضروري لقيام واستمرار دولة القانون والعدالة.

     خ‌. ممكنات تحقيق المواطنة المتساوية في سورية المستقبل

   يعكس مجرد عرض معوقات تحقيق المواطنة المتساوية والعقبات التي تقف عثرة كبرى على طريقه بعد عشر سنوات من الثورة وما يقرب من خمسين عامًا قبلها من تدمير بنية المجتمع السوري السياسية والاجتماعية والاقتصادية، إلى أي حدٍّ، وصل إليه حجم المهمة التي تنتظر السوريين من أجل بناء سورية الجديدة. وإذا كان من الصعوبة بمكان إعادة البناء المادي على مختلف المستويات، فمن باب أولى أن تكون إعادة البناء القانوني والاجتماعي والثقافي أشدّ صعوبة وأكثر تعقيدًا. فإلى جانب غياب رؤية مشتركة توافقية بين مختلف القوى السياسية التي تتصدى أو تطرح نفسها على هذا النحو لبناء سورية الجديدة، سواء على صعيد طبيعة الدولة القادمة، أو شكلها، فضلًا على مدى المساحة المتاحة أو الممنوحة لها للاختيار بحكم وجود أطراف دولية ذات مصالح متعارضة في تقرير مصير سورية القادمة،  هناك المجهول الذي لا يزال يكتنف في الوقت الحاضر نتيجة التسوية التي تحمل مصالح الأطراف الدولية والإقليمية على العمل من أجل التوصل إليها، وذلك بمعزل عن السوريين جميعًا، نظامًا ومعارضة في آن واحد. لكن ذلك لا يحول، بل ويجب ألا يحول، دون العمل حثيثًا لاستعادة السوريين زمام المبادرة، أو على الأقل لكي يجعلوا من صوتهم وازنًا في أي حلٍّ يمكن التوصل إليه دون أن يفرض عليهم. وهذا ما يتطلب من القوى السياسية وأحزابها وكذلك من المثقفين والسياسيين فرادى ومجتمعين، ومن مراكز البحث التي جعلت من القضية السورية  سبب وجودها، منذ الآن، العمل بصورة لا هوادة فيها  في كل اتجاه، كلٌّ في مجال اختصاصه وقدراته، سواء في مجال التوعية الثقافية والسياسية حول موضوعي الديمقراطية  وصنوها المواطنة المتساوية، أو في ميدان الخيارات الاستراتيجية على صعيد العمل من أجل الوصول إلى توافق حول شكل الدولة وطبيعتها الديمقراطية في سورية القادمة. لهذا الغرض، وفي ضوء ما تقدم من توصيف لواقع وضع المواطنة المتساوية في سورية وما يقتضيه من عمل حثيث ومتواصل، سوف يستوحي ما سيقترح هنا خلاصة ما توافقت عليه في هذا المجال مجموعة من السياسيين والمثقفين في ندوة حول المواطنة المتساوية نظمها مركز حرمون في إطار برنامجه للحوار الوطني السوري في كانون أول/ديسمبر 2021(56)، وذلك على مرحلتين، ما قبل المرحلة الانتقالية، واعتبارًا من بدئها.

   أول مهمة أساس في مجال ترسيخ ثقافة وقيم المواطنة هي التقاء القوى والهيئات السياسية الوطنية السورية التي تعمل من أجل تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 الخاص بالحل السياسي للقضية السورية كي تضع خطة عمل مشترك تتوخى تحقيق هذا الهدف من ناحية، وخطة الإعداد لوضعه موضع التنفيذ. ومن ضمن هذه الخطة الأخيرة، العمل على نشر ثقافة الديمقراطية وصنوها ثقافة المواطنة المتساوية باتخاذ خطوة عملية تقوم على متابعة العمل الذي بدأه حسان عباس في رابطة المواطنة عبر تكوين هيئة عليا تعمل على مواصلة “زرع وترسيخ قيم المواطنة ومتابعتها وحراستها مركزة على: 1) المؤسسات التعليمية والتربوية باعتبار أن المدرسة هي مصنع المواطنة الأول؛ 2) المؤسسات الإعلامية لتثقيف الناس ورفع مستوى وعيها بقيم المواطنة”(57).

   لكن مثل هذا العمل المؤسساتي المدني، بما أنه يقع على عاتق الهيئات والأحزاب السياسية الوطنية المعارضة اليوم، لا يعفي مراكز الأبحاث ووسائل الإعلام الوطنية من القيام بالمزيد من الدراسات المعمقة واقتراح التشريعات وخطط المناهج الدراسية الضرورية للمرحلة الانتقالية المقبلة ونشرها بين السوريين حيثما كانوا، على أوسع نطاق ممكن، داخل سورية وخارجها والتحريض على النقاش وتبادل الرأي حول شروط هذا المفهوم وقيمه ومقتضياته الأساس في حياة المجتمع.

   أما المرحلة الانتقالية فهي التي يمكن، إذا ما وحّدَت غالبية القوى السورية الوطنية السياسية كلمتها من أجل التوافق على بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة في سورية القادمة، أن تتيح للسوريين جميعًا أن يشاركوا يوميًا مباشرة وعبر ممثليهم على قدم المساواة في وضع أركان دولتهم  الجديدة: دولة الديمقراطية والمواطنة والعدالة والمساواة.

الهوامش:

 (55). منظمة اليوم التالي لدعم الانتقال الديمقراطي في سوريا (https://tda-sy.org/?lang) انطباعات السوريين والسوريات حول المواطنة والهوية، (استطلاع رأي)، أيلول/ سبتمبر 2021 .

(56). برنامج الحوار الوطني، مركز حرمون للدراسات المعاصرة، المواطنة المتساوية في سورية الجديدة، قسم الدراسات، 20 كانون أول/ ديسمبر 2021 . انظر: https://bit.ly/3JEiDEi

(57). المرجع السابق.

………………

المراجع العربية:

أ

ــ أبو الليل، سماح،  إشكالية مفهوم المواطنة في الثقافة السياسية العربية، مجلة السياسة والاقتصاد، المقالة 9، المجلد 2، ملحق العدد 1، يناير 2019.ص. 177 ـ 2011.

ــ الأحزاب السياسية في سورية، دار الرواد، مؤلف مجهول، دار الرواد، دمشق 1954.

ــ الإسلاميون وقضايا الدولة والمواطنة، مجموعة مؤلفين، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الجزء الأول بيروت 2016، والجزء الثاني بيروت 2017.

ب

ــ برنامج الحوار الوطني، مركز حرمون للدراسات المعاصرة، المواطنة المتساوية في سورية الجديدة، قسم الدراسات، 20 كانون أول/ديسمبر 2021. انظر: shorturl.at/acoIT.

ـــ بن دوبة، شريف الدين، المواطنة مفهوم وتاريخ، مجلة الدراسات والبحوث الاجتماعية، جامعة الوادي، العدد الثاني، نوفمبر 2013.

ـــ بناة السلام، الحوار السوري- السوري، دليل مصطلحات ومفاهيم، ورقة محددات العقد الاجتماعي، World Council of Churches

ح

ــ حنا، عبد الله، صفحات من تاريخ الأحزاب السياسية في سورية في القرن العشرين وأجواؤها الاجتماعية، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بيروت 2018.

ــ حزب الجمهورية، البرنامج السياسي العام، نيسان/أبريل 2014. shorturl.at/tDLN5

ــ حوراني، أكرم، مذكرات، منشورات مدبولي، القاهرة، الطبعة الأولى، بلا تاريخ.

خ

ـــ خالد، محمد خالد، مواطنون لا رعايا،  مؤسسة الخانجي، الطبعة السادسة، القاهرة 1958 (الطبعة الأولى 1951).

د

ـــ الدبس، مضر رياض، مفهوم المواطنة أو الصورة السيتزاني في المستقر الإيماني، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت/عمان 2021.

ـــ دليل المواطنة، إعداد الرابطة السورية للمواطنة بالتعاون مع بيت المواطن للنشر والتوزيع، دمشق  2016.

ــ الدغيم، طالب، المواطنة في سورية، قراءة في مفهوم المواطنة وممارساتها على ضوء التغيرات الدستورية في سورية بين عامي 1946 ـ 1950، ، مركز إدراك للدراسات  والاستشارات، أيلول/سبتمبر 2017.

ــ الدستور السوري: قراءات وخيارات (دراسات قانونية)، مجموعة من المؤلفين، مركز حرمون للدراسات المعاصرة ودار ميسلون للطباعة والنشر والتوزيع، غازي عنتاب، 2018.

ـــ دستور سورية (الجمهورية العربية السورية) الصادر عام 2012، موقع منظمة  (constituteproject.org).

ر

ــ رايسنر، يوهانس، الحركات الإسلامية في سورية، ترجمة محمد إبراهيم الأتاسي، رياض الريس للكتب والنشر، بيروت 2005.

ز

ـــ زيدان، د. رغداء، المواطنة في سورية بين الواقع وما يجب أن يكون، مركز حبر للدراسات، 30 أيار/مايو 2020.

ـــ زيود، زينب، مفهومات المواطنة في كتب التربية القومية الاشتراكية للمرحلة الثانوية في سورية ة(دراسة تحليلية)، مجلة اتحاد الجامعات العربية للتربية وعلم النفس، المجلد التاسع، العدد الرابع 2011.

س

ـــ سنان، برا، إشكالية المواطنة/الرعية في التراث السياسي الإسلامي، المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، برلين 2016.

ـــ سيل، باتريك، الأسد، الصراع على الشرق الأوسط، دار الساقي، لندن 1988.

ش

ـــ شاما، سيمون، مواطنون حكايات الثورة الفرنسية، ترجمة حسام الدين خضور، كلمة ـ المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت 2009.

ـــ الشهبندر، عبد الرحمن، القضايا الاجتماعية الكبرى في العالم العربي، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بيروت، 2019،

ــ شنابر دومينيك، ياشولييه كريستيان، ما المواطنة؟ ترجمة سونيا محمود نجا، المركز القومي للترجمة، القاهرة، 2016.

ص

ـــ صافي، لؤي ، الحرية والمواطنة والإسلام السياسي، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، دار المجتمع المدني والدستور، بيروت 2012.

ـــ صافي، لؤي، دولة المواطنة، الأسس الاجتماعية الضرورية لقيام عقد اجتماعي وحياة دستورية، عين الشرق لدراسة السياسات، ألمانيا 2020.

ـــ صخري، محمد ،  ملف شامل عن المواطنة، (المفهوم، الأسس، الأهداف)، أربعة أجزاء، الموسوعة الجزائرية للدراسات السياسية والاستراتيجية، حزيران/يونيو 2019.    https://www.politics-dz.com

ــ الصلابي، علي محمد محمد ، المواطنة والوطن في الدولة الحديثة المسلمة، الطبعة الأولى، 2014.

ع

ــ عبد الرحمن، حسام الدين ، الهويات الوطنية في المناهج المدرسية السورية “جدل المتخيل والواقع”، مركز مداد للأبحاث والدراسات، 2017. انظر الرابط:   http://www.dcrs.sy

ـ العظم، خالد، مذكرات خالد العظم، ثلاثة أجزاء، الطبعة الثالثة، الدار المتحدة للنشر، بيروت 1973.

ــ علي، د. حيدر إبراهيم، التيارات الإسلامية وقضية الديمقراطية، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت 1996.

غ

ــ غليون، برهان، نقد السياسة، الدولة والدين، الطبعة الثانية، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 1993.

ف

ــ فرزات، محمد حرب، الحياة الحزبية في سوريا، دراسة تاريخية لنشوء الأحزاب السياسية وتطورها بين 1908ـ 1955، دار الرواد، 1955

ـــ فضل، قدري ، منظمات المجتمع المدني ودورها في تعزيز مفهوم المواطنة في فلسطين، أطروحة لنيل الماجستير في التخطيط والتنمية/ كلية الدراسات العليا، جامعة النجاح الوطنية، نابلس، فلسطين، 2013.

ق

ــ القسام، يحيى سليمان، موسوعة سورية، البنية والبناة، دمشق 2007.

ـــ قرواني، خالد ، الاتجاهات المعاصرة للتربية على المواطنة، جامعة القدس المفتوحة، منطقة سلفيت التعليمية، (بلا تاريخ).

ـــ القرضاوي، يوسف، الوطن والمواطنة في ضوء الأصول العقدية والمقاصد الشرعية، بلا تاريخ.

ك

ـــ الكواري، علي خليفة وآخرون، المواطنة والديمقراطية في البلدان العربية، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت 2004.

م

ــ مناع، هيثم، المواطنة في التاريخ العربي الإسلامي، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، سلسلة مبادرات فكرية، القاهرة 1997.

ـــ منظمة اليوم التالي لدعم الانتقال الديمقراطي في سوريا (https://tda-sy.org/?lang=ar)، انطباعات السوريين والسوريات حول المواطنة والهوية، (استطلاع رأي)، أيلول/سبتمبر 2021.

ــ المواطنة والمكونات الاجتماعية في المنطقة العربية، كتاب جماعي، منتدى البدائل العربي للدراسات ومنظمة هيفوس، توزيع: روافد للنشر والتوزيع، 2015.

ــ المطلق، خالد، أهم الأحزاب والهيئات والتيارات التي ظهرت في الثورة السورية، مركز حرمون للدراسات المعاصرة، قضايا، 20 كانون الثاني/يناير 2021.  انظر:   https://bit.ly/3tH9VzC

ن

ــ النمر، محمد نور ، المواطنة في المناهج الدراسية السورية، إشراف يوسف سلامة، مركز حرمون للدراسات المعاصرة، غازي عنتاب، تركيا، 2018.

هـ

ـــ هويدي، فهمي ، مواطنون لا ذميون، دار الشروق، الطبعة الثانية، القاهرة 1990.

المراجع الأجنبية:

  • Dominique Schnapper, Qu’est-ce que la Citoyenneté ?, Folio actuel, Février 2000.
  • Ecole et citoyenneté, Un défi multiculturel, sous la direction de : Yves Lenoir, Constantin Xypas, Christian Jamet, Edition Armand Colin, Paris 2006.
  • Initiation à la citoyenneté de l’Antiquité à nos jours, Sophie Hasquenoph, Ellipses poche, Paris 2015.
  • Le sacre du citoyen : Histoire du suffrage universel en France, Pierre Rosanvallon, Folio histoire, mars 2001.
  • Marco Martiniello, La citoyenneté à l’aube du 21e siècle, questions et enjeux majeurs, Les Editions de l’université de Liège.
  • La Participation citoyen, Enjeux et outils d’engagement démocratique, Véronique Morel, Dossiers d’Experts, Editions Territorial, 2019.

……………….

     انتهى..

المصدر: حرمون

التعليقات مغلقة.