الحرية أولاً , والديمقراطية غاية وطريق

درعا ليست في الجنوب بل في القلب

درعا ليست في الجنوب بل في القلب

     لايزال النظام وحليفته إيران والميليشيات الداعمة له من عراقية ولبنانية وأفغانية وغيرها يصرون على الحل العسكري في درعا بعد حصارٍ ظالم لأكثر من شهرين تتويجاً لثمرة اتفاق أردني- روسي وموافقة أميركية- إسرائيلية جرى التوصل إليه في صيف 2018 بعد المواجهة الكبرى، يمّنع فيه عن البلد كل مقومات الحياة التي أصبحت شحيحة في سورية كلها أيضاً، ومع عدم التزام النظام ومحازبيه بكل الاتفاقات التي أبرمها حليفه الروسي الذي يقدم نفسه كوسيط وكان فيه الطرف الثاني فيها سكان درعا الذين التزموا بما تم الاتفاق عليه حتى أن الشرطة الروسية مع الفيلق الثامن دخلوا حسب الاتفاق ولكن سرعان ما خرجوا، وليس معلوماً إلى الآن لماذا! مع أن من اتفق على خروجه هم ثمانية أشخاص خرجوا إلى الشمال السوري، وكانت حجة النظام أن هناك اثنان لم يخرجوا مع المجموعة، فإذا كانت هناك رغبة حقيقية في الحل فهل يعطل شخصان اتفاق يشمل مدينة كاملة!؟ طبعاً النظام يتحجج، ولا يريد إلاّ الحل العسكري، تأديباً لمهد الثورة ولمن قال له «لا» في مسرحية الانتخابات، فيجب أن لا تبرد مدافعه بل يجب أن تستمر بالقتل والنهب والتعفيش ليرّضي مرتزقته الذين اعتادوا النهب والتعفيش، فهو يقصف ادلب وجبل الزاوية… المناطق الوحيدة التي لا يجرؤ على قصفها هي مناطق سيطرة الأكراد المحمية من الأمريكان، من الرقة شمالاً إلى دير الزور شرقاً مروراً بالحسكة… فقد تعلم من ’رأس الذئب المقطوع‘ عندما حاول الروس الدخول إلى تلك المناطق فأبيدوا من الأمريكان، مع أنه مازال وحليفه الإيراني يرفعون شعار الموت لأمريكا..

   في جلسة مجلس الأمن في 25 /8 /2021 حمّلت مندوبة أميركا في المجلس “توماس غرينفلد” النظام السوري مسؤولية تهجير السكان المدنيين والتسبب في مقتلهم في سورية وخصوصاً في محافظة درعا، وقالت يجب على النظام السماح للمنظمات الإنسانية بدخول درعا لتقديم المساعدات لمن هم في أمس الحاجة إليها ليتمكنوا من انقاذ الأرواح ونحث أولئك الذين لهم نفوذ على النظام التوسط لإيحاد حل، فيرد المندوب الروسي أنه يجب أولاً خروج الإرهابيين من درعا.. إذن أصبح  الإرهابي الروسي يحارب الإرهاب في درعا وهذا الإرهاب ينحصر بشخصين متهمين بالانتماء لداعش..

    لقد أدى قصف المدينة من قبل قوات النظام بكل الأسلحة الثقيلة إلى نزوج 38400  شخص  منهم 16 ألف امرأة و 3200 رجل من كبار السن و 20400 طفل مع أن عدد سكان المنطقة المحاصرة لا يزيد عن 60 ألف..

    الجميع اليوم تواطئ ضد درعا؛ الروسي الذي يسمي نفسه وسيط وهو الذي حمى النظام وإجرامه إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة وبيدرسون الوسيط الدولي الذي يطلب من الطرفين وقف القتال وبذلك يوازي بين القاتل والمقتول، وصولاً إلى اجتماع ولقاء «ضرار» لملء الفراغ الاميركي وهو المؤتمر الأخير في بغداد لدول الجوار العراقي في 28 / 8/ 2021 بحضور القاتل الإيراني وبعض العرب المصابين بالصمم والخرس والساعين فقط لتعويم نظام الإبادة السوري عربياً بالأخص النظام الأردني بعد زيارتي عاهله لكلٍ من واشنطن وموسكو، ولا ننسى سكوت الدول التي كانت داعمة لدرعا كغرفة الموك التي ورطت الناس في الجنوب وانسحبت بأوامر الطاغية الأكبر أمريكا التي عادت لنغمة تغيير سلوك النظام وعدم اسقاطه التي طرحتها منذ عام 2005 ويعرف تماماً أن هذا لن يُجّدِ مع هذا النظام؛ فهل قرار مجلس الأمن الذي وافقت عليه أميركا وشاركت بصياغته يقول بذلك أم أن بنده الأول يقول بعملية انتقالية!؟ ومعنى انتقال باللغة العربية أن يذهب هذا النظام ليحل محله نظام جديد..

    ما أن اطمأن النظام إلى الرسالة الأمريكية الجديدة حتى بدأت وفوده واتصالاته مع الأمريكان، وهذا الذي أزعج الروس مع أنهم يعرفون تماماً أن ولائه الأول والأخير لأمريكا وإسرائيل..

    ستبقى درعا قلب سورية وستبقى حربة في خاصرة النظام كما باقي المناطق السورية التي ترزح تحت سيطرته مثل التي خرجت عن سيطرته، ومن يرى اليوم طوابير الهاربين من جور النظام وفشله في مراكز الهجرة الجوازات وفي المطار والبوابات البرية إلى لبنان يعرف تماماً مدى كره الشعب للنظام، وبنفس الوقت نحن نعرف أيضاً أن النظام لا يهمه ما يحدث ويمكن أن يعيد سورية إلى أربعة ملايين كما استلمها عام 1963 وكما صرح رئيسه حافظ أسد عندما سئل ماذا يفعل إذا أجبر على  ترك الحكم..

ستبقى سورية موحدة وبلداً لكل مواطنيها بمختلف أعراقهم وأديانهم وسيزول نظام الطغاة كما زال كل طغاة التاريخ وستكون سورية دولة مدنية ديمقراطية تجدد دورها وتأخذ مكانها بين الأمم المتحضرة.

التعليقات مغلقة.